مرض النقرس: الأعراض، الأسباب، وطرق العلاج الحديثة

مرض النقرس هو أحد أنواع التهاب المفاصل الناتج عن تراكم بلورات حمض اليوريك في المفاصل، مما يسبب ألمًا حادًا وتورمًا، خاصة في إصبع القدم الكبير. يحدث ذلك عندما يرتفع مستوى حمض اليوريك في الدم، إما بسبب زيادة إنتاجه أو ضعف في التخلص منه عبر الكلى. تُعد العوامل الوراثية، والنظام الغذائي الغني باللحوم الحمراء والمأكولات البحرية، وتناول الكحول، وزيادة الوزن، من أبرز أسباب الإصابة بالنقرس، تابع معنا المقال لتتعرف أكثر على أسباب النقرس وطرق الوقاية منه.
أسباب الإصابة بمرض النقرس
مرض النقرس يحدث نتيجة تراكم بلورات حمض اليوريك في المفاصل، وغالبًا ما يرتبط بارتفاع نسبة هذا الحمض في الدم. حمض اليوريك هو ناتج طبيعي لتحلل مركبات تُعرف بالبيورينات، والتي توجد في بعض الأطعمة والمشروبات، مثل اللحوم الحمراء، الكبد، المأكولات البحرية، والمشروبات الكحولية. عندما يفرط الجسم في إنتاج حمض اليوريك أو يعجز عن التخلص منه بكفاءة عن طريق الكلى، تبدأ البلورات بالتراكم داخل المفاصل، مما يؤدي إلى الالتهاب والألم المعروفين في نوبات النقرس.
العوامل الوراثية تلعب دورًا في احتمال الإصابة، فإذا كان أحد أفراد العائلة مصابًا بالنقرس، فهناك احتمال أعلى للإصابة. كذلك، يُعد الرجال أكثر عرضة للإصابة مقارنة بالنساء، خصوصًا في منتصف العمر. بعد سن اليأس، تزداد احتمالية إصابة النساء أيضًا بسبب تغيّرات الهرمونات.
السمنة أحد أبرز العوامل، إذ ترتبط بزيادة إنتاج حمض اليوريك وتقليل كفاءة الكلى في التخلص منه. تناول بعض الأدوية مثل مدرات البول وأدوية ارتفاع الضغط يمكن أن يرفع مستوى الحمض كذلك. كما أن الإصابة بأمراض مزمنة مثل السكري، وأمراض الكلى، وارتفاع ضغط الدم تزيد من خطر الإصابة بالنقرس. نمط الحياة أيضاً له تأثير، فقلة النشاط البدني وتناول كميات كبيرة من السكريات والمشروبات المحلاة تساهم في تفاقم المشكلة. هذه العوامل، منفردة أو مجتمعة، تؤدي إلى خلل في توازن حمض اليوريك وبالتالي تحفّز حدوث النقرس.
أعراض مرض النقرس
أعراض مرض النقرس غالبًا ما تظهر بشكل مفاجئ وتكون مؤلمة جدًا، ما يجعل النوبات مزعجة ومقيدة للحركة. أكثر الأعراض شيوعًا هي:
- ألم حاد ومفاجئ في مفصل واحد، وغالبًا ما يكون مفصل إصبع القدم الكبير. الألم قد يبدأ في الليل ويوقظ المريض، ويُوصف بأنه حارق وشديد. قد يستمر لعدة أيام أو حتى أسبوعين، ويكون مصحوبًا بتورم واحمرار وسخونة في المفصل.
- إلى جانب إصبع القدم الكبير، يمكن أن يؤثر النقرس على مفاصل أخرى مثل الكاحل، الركبة، المعصم، أو المرفق.
- في الحالات الشديدة أو المزمنة، يمكن أن تمتد الأعراض إلى أكثر من مفصل في نفس الوقت، ما يُعرف بالنقرس المتعدد المفاصل. كما أن بعض الأشخاص يشعرون بتقييد في حركة المفصل حتى بعد انتهاء الألم الحاد.
- واحدة من العلامات المميزة للنقرس هي تشكل تكتلات صلبة تحت الجلد تُعرف بالتوفات (Tophi)، وهي ناتجة عن ترسب بلورات حمض اليوريك على مدى طويل. التوفات قد تظهر في أصابع اليد، المرفق، الركبة أو حتى شحمة الأذن، وتُعتبر علامة على إهمال العلاج أو تطور الحالة.
من المهم معرفة أن أعراض النقرس قد تشبه أمراضًا أخرى مثل التهاب المفاصل الروماتويدي أو العدوى البكتيرية في المفاصل، لذلك لا بد من التشخيص الدقيق لتحديد السبب الفعلي ووصف العلاج المناسب في الوقت المناسب لتفادي المضاعفات.
تعرف على علاج القولون العصبي

علاج مرض النقرس
علاج مرض النقرس يهدف إلى تخفيف الألم السريع أثناء النوبة، وتقليل مستويات حمض اليوريك في الجسم لمنع تكرار النوبات وتجنب المضاعفات. عند حدوث النوبة، يتم اللجوء غالبًا إلى أدوية مضادة للالتهاب مثل الإيبوبروفين أو النابروكسين. في حالات الألم الشديد، قد يصف الطبيب الكولشيسين، وهو دواء فعال في تقليل التورم والألم إذا تم تناوله مبكرًا بعد بدء النوبة.
في بعض الحالات، يتم استخدام الكورتيزون، سواء عن طريق الفم أو الحقن داخل المفصل، لتقليل الالتهاب بسرعة. بعد السيطرة على النوبة الحادة، يتحول العلاج إلى المرحلة الوقائية، والتي تشمل أدوية خفض حمض اليوريك مثل “الألوبورينول” أو “فيبوكسوستات”، وهي تساعد في تقليل إنتاج الحمض أو تحسين قدرة الكلى على التخلص منه.
العلاج لا يقتصر على الأدوية فقط، بل يشمل أيضًا تعديل نمط الحياة. فقدان الوزن الزائد، وممارسة النشاط البدني المنتظم، وتقليل استهلاك الأطعمة الغنية بالبيورينات، يساعد بشكل كبير في السيطرة على الحالة. كما يجب مراجعة الأدوية التي قد ترفع مستوى حمض اليوريك بالتنسيق مع الطبيب، خاصة أدوية الضغط ومدرات البول.
الأطعمة الممنوعة لمرضى النقرس
مرضى النقرس بحاجة لاتباع نظام غذائي دقيق لتقليل نوبات الألم والسيطرة على مستويات حمض اليوريك في الدم. من أهم الخطوات هو تجنب الأطعمة الغنية بالبيورينات، لأنها تتحلل في الجسم إلى حمض اليوريك. اللحوم الحمراء مثل لحم البقر والضأن، إلى جانب الكبد والكلى والمخ، تُعد من أبرز الممنوعات. كذلك، المأكولات البحرية مثل السردين، الأنشوجة، الماكريل، والمحار تحتوي على نسب عالية من البيورينات، ويُنصح بتجنبها.
الأطعمة المصنعة مثل النقانق واللحوم المجمدة والمعلبة تحتوي عادة على مواد حافظة ودهون مشبعة تُفاقم الالتهاب وتزيد من إنتاج حمض اليوريك. كما يجب الحذر من السكريات المكررة، خاصة الفركتوز الموجود في المشروبات الغازية والعصائر الصناعية، فهي تُحفّز الكبد على إنتاج المزيد من الحمض.
منتجات الألبان كاملة الدسم، والزبدة، والجبن العالي الدسم تُفضل استبدالها بمنتجات خفيفة الدسم. وينبغي التقليل من تناول البقوليات المجففة مثل الفول، العدس، والحمص، خاصة خلال النوبات الحادة، لأن بعضها يحتوي على بيورينات بنسب متوسطة. كذلك، الإفراط في تناول الكافيين أو شرب الشاي الثقيل قد يسبب الجفاف، ما يعيق طرد حمض اليوريك من الجسم.
من المهم لمريض النقرس أن يقرأ الملصقات الغذائية، ويتجنب كل ما يحتوي على نسب عالية من الصوديوم أو الدهون المشبعة. اختيار الطعام المناسب لا يخفف فقط من الأعراض، بل يساعد على الوقاية من مضاعفات مثل حصى الكلى أو تدمير المفاصل، وهو جزء أساسي في خطة العلاج.
كيفية الوقاية من مرض النقرس
الوقاية من مرض النقرس تعتمد بشكل رئيسي على التوازن بين نمط الحياة السليم والتغذية المناسبة:
- الحفاظ على وزن صحي، لأن السمنة تزيد من إنتاج حمض اليوريك وتقلل قدرة الجسم على التخلص منه. فقدان الوزن بشكل تدريجي يساعد على تقليل الضغط على المفاصل وتحسين عملية التمثيل الغذائي، ما يخفف من خطر النقرس بشكل كبير.
- شرب كميات كافية من الماء يساعد الكلى في التخلص من حمض اليوريك بفعالية. يُوصى بشرب ما لا يقل عن 2 لتر يوميًا، خاصة في الطقس الحار أو بعد ممارسة الرياضة. الرياضة المنتظمة أيضًا تساهم في الوقاية، ولكن يجب تجنب المجهود الزائد أو التمارين الشديدة التي قد ترفع مستويات الحمض مؤقتًا.
- من ناحية الغذاء، تجنب الأطعمة الغنية بالبيورينات، والتقليل من استهلاك اللحوم الحمراء والمأكولات البحرية والمشروبات المحلاة، هو أمر ضروري. بالمقابل، يجب التركيز على تناول الخضروات الطازجة، الفواكه (ما عدا تلك الغنية بالفركتوز)، منتجات الألبان قليلة الدسم، والحبوب الكاملة.
- تجنب الكحول، خاصة البيرة، يُعد من أهم خطوات الوقاية لأنه يمنع الكلى من التخلص من حمض اليوريك بكفاءة. أيضًا، على من يتناول أدوية الضغط أو مدرات البول أن يستشير الطبيب لتقييم البدائل الممكنة.
أفضل الأعشاب لتخفيف أعراض النقرس
بجانب العلاج الدوائي والنظام الغذائي، يمكن لبعض الأعشاب الطبيعية أن تساعد في تخفيف أعراض النقرس وتقليل نوبات الالتهاب بفضل خصائصها المضادة للالتهاب أو المدرة للبول. من أبرز هذه الأعشاب:
- الكرز الأسود أو الكرز الحامض، إذ تشير دراسات إلى أنه يقلل من خطر النوبات بنسبة ملحوظة لأنه يساعد في خفض مستويات حمض اليوريك وله تأثير مضاد للأكسدة.
- الزنجبيل معروف بقدرته على تقليل التورم والألم المصاحب لنوبات النقرس، ويمكن استخدامه كمشروب أو كمكون في الطعام، أو حتى موضعيًا على شكل كمادات.
- الكركم، بفضل مادة الكركمين الفعالة فيه، يُعد أيضًا من الأعشاب المفيدة، حيث يخفف الالتهاب ويدعم صحة المفاصل.
- النعناع والبابونج يمكن استخدامهما لتهدئة الجسم والمفاصل أثناء النوبات، خاصة عند إضافتهما إلى ماء دافئ في حمام موضعي للمفصل المصاب.
- كما أن أوراق نبات القراص تُستخدم كمضاد التهاب، ولها خصائص مدرة للبول، مما يساهم في طرد حمض اليوريك خارج الجسم.
- شاي بذور الكرفس يُعتبر مدرًا طبيعيًا للبول ويدعم صحة الكلى، ما يساهم في تنظيف الجسم من السموم ومنها حمض اليوريك. كذلك، أوراق الهندباء تُستخدم في الطب البديل لدعم الكبد والكلى، وهي مفيدة في حالات تراكم الحمض.
لكن من المهم استخدام الأعشاب كمكمل داعم وليس بديلًا للعلاج الطبي، ويجب استشارة الطبيب قبل استخدامها خاصة في حال تناول أدوية مزمنة أو وجود أمراض أخرى.