تُعد الصحة النفسية للأطفال من أبرز التخصصات التي تشهد اهتمامًا متزايدًا في العصر الحديث، نظرًا لتأثيرها المباشر على تكوين الشخصية والنمو المعرفي والاجتماعي للفرد. ومن هنا، تبرز أهمية الكفاءات المتخصصة في هذا المجال، ومن أبرز الأسماء السعودية الشابة التي برزت في هذا السياق الأخصائي النفسي راكان صالح أبا الخيل، الذي شكّلت مسيرته المهنية نموذجًا متكاملًا للتطور العملي والأكاديمي في مجال الرعاية النفسية للأطفال.
التأسيس المهني: من بيئات الحماية إلى البيئات الإصلاحية
بدأ الأخصائي راكان أبا الخيل حياته المهنية في دار رعاية الأيتام، حيث ساهم بشكل فاعل في تقديم خدمات الدعم النفسي للأطفال الذين يعيشون في ظروف اجتماعية ونفسية حساسة. وقد مكّنه هذا الدور من التعامل المباشر مع اضطرابات مثل القلق والانفصال العاطفي، بالإضافة إلى مشكلات التكيّف السلوكي، مما عزّز لديه مهارات التواصل العلاجي وأسّس لفهم عميق للطفل في بيئات الحماية الاجتماعية.
لاحقًا، انتقل إلى العمل داخل السجون، وهي بيئة مختلفة تمامًا من حيث التحديات والاحتياجات النفسية. وقد تعامل مع فئات متعددة من النزلاء، لا سيما من يعانون من الإدمان والاضطرابات السلوكية المتكررة، كما شارك في برامج إعادة التأهيل النفسي والاجتماعي، مما أكسبه مرونة مهنية في التعامل مع حالات مركّبة نفسيًا وسلوكيًا.
التخصص في رعاية الأطفال: من الممارسة إلى التمكين العلمي
انطلاقًا من شغفه الدائم بمجال الطفولة، انتقل راكان أبا الخيل إلى عيادات الأطفال النفسية، حيث عمِل على تشخيص وعلاج اضطرابات النماء العصبي، بما في ذلك:
- اضطراب طيف التوحد (ASD)
- اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD)
- متلازمة داون
- اضطرابات السلوك والتكيّف

واستنادًا إلى رغبته في تعزيز أدواته الإكلينيكية، التحق الأخصائي راكان ببرنامج البورد الأمريكي لتحليل السلوك التطبيقي (ABA)، وهو من أقوى البرامج التدريبية المعتمدة عالميًا في مجال تعديل السلوك، خاصة عند الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة. ومن خلال هذا المؤهل، بات قادرًا على تصميم خطط تدخل فردية مبنية على تحليل سلوكي دقيق قائم على البيانات، مما يرفع من كفاءة وفاعلية البرامج العلاجية المقدّمة.
المنظور العلاجي والنهج الإكلينيكي
يتّبع الأخصائي راكان أبا الخيل منهجًا تكامليًا في التعامل مع الحالات، يجمع بين التحليل السلوكي التطبيقي، والعلاج السلوكي المعرفي، ومهارات الدعم النفسي الاجتماعي للأسرة. ويؤمن بأهمية إشراك الأهل ومقدمي الرعاية في العملية العلاجية، ويدعو دائمًا إلى نشر التوعية النفسية في المجتمع، بهدف خلق بيئة داعمة لنمو الطفل نفسيًا واجتماعيًا.
الرؤية المستقبلية والطموحات المهنية
يسعى الأخصائي راكان إلى توسيع نطاق خدماته النفسية المخصصة للأطفال، مع التركيز على التدريب المستمر، والبحث التطبيقي، والتعاون مع الجهات التربوية والصحية لتعزيز التكامل بين الرعاية النفسية والتعليم المبكر.
كما يطمح إلى المساهمة في إعداد جيل من المختصين النفسيين المؤهلين في التعامل مع قضايا الطفولة والاضطرابات النمائية، خاصة في البيئات العربية، التي لا تزال تعاني من نقص الكفاءات المتخصصة في هذا المجال.
الهوية الرقمية والمشاركة المجتمعية
حرصًا على نشر الثقافة النفسية وتبادل الخبرات، يقدّم الأخصائي راكان محتوى توعويًا ومهنيًا على منصاته الرقمية:
خاتمة
تُجسّد مسيرة راكان صالح أبا الخيل نموذجًا مهنيًا متميزًا في الدمج بين العمل الإكلينيكي والتخصص الأكاديمي في مجال الرعاية النفسية للأطفال. وقد أثبتت تجربته أن التخصص في هذا المجال لا يقتصر على المعرفة النظرية، بل يتطلب حسًا إنسانيًا عاليًا، وشغفًا مستمرًا بالتعلم والتطوير، واستعدادًا دائمًا لخدمة الفئات الأضعف في المجتمع.